الأربعاء، 30 يناير 2013

أكدوا أن المرأة في الإسلام قامت بدور ريادي في خدمة مجتمعها والتاريخ الإسلامي خير شاهد


(موقع الأميرة  غير مسؤول عن النص ومضمونه)
أكدوا أن المرأة في الإسلام قامت بدور ريادي في خدمة مجتمعها والتاريخ الإسلامي خير شاهد
الفقهاء والمشايخ: دخول المرأة في «الشورى» أنموذج يعكس حقها في الاستشارة وتطبيق عملي لنظرة الإسلام لها
" جريدة الرياض"الاربعاء،30 يناير/ كانون الثاني،2013
الرياض- «الرياض»                                 
القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتعيين عدد من النساء في عضوية مجلس الشورى قرار شرعي صحيح يدعمه الدليل الشرعي ويعطي للمرأة حقها الشرعي ومكانتها التي بوأها لها دينها الحنيف.. هكذا أجمع عدد من العلماء والمشايخ الذين تحدثوا لنا عن أبعاد هذا القرار التاريخي الحكيم مؤكدين أن هذا القرار يستند إلى نصوص الكتاب والسنَّة.
وقال أصحاب الفضيلة: إن دخول المرأة في مجلس الشورى هو في حقيقته أنموذج يعكس حق المرأة في الاستشارة وتطبيق عملي لنظرة الإسلام للمرأة، مؤكدين أن ذلك يُعد تتويجاً لنهج أصيل في بناء الدولة المسلمة التي قامت على أيدي الرجال والنساء على حد سواء ودون تهميش لأي منهما. وأكدوا أن هذا الأمر الملكي الذي يُعد تاريخياً بكل المقاييس لا تعوزه أبداً الأدلة والشواهد والأمثلة على مدار التاريخ الإسلامي كله، بل الأدلة والشواهد تعضده وتؤكد هذه المكانة للمرأة المسلمة التي بوأها لها دينها العظيم. وأشاروا إلى أن المرأة المسلمة وعلى امتداد التاريخ الإسلامي قد قامت بدور ريادي مشهود في خدمة الأمة وخدمة مجتمعها وأنها قد أسهمت في مجالات متعددة ومنها الجهاد والافتاء وهما أمران أعظم وأخطر من مجرد الاستشارة.
فيما أشاد أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ بالضوابط الشرعية التي تضمنها الأمر الملكي وقالوا: إنها ضوابط نابعة من أحكام الدين ومن التزام هذا البلد الإسلامي الكبير بنصوص الوحيين وقواعد الشريعة مؤكدين أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حريص كل الحرص على أن تكون هذه المشاركة في أعمال مجلس الشورى منضبطة بقواعد الدين.
للمرأة مكانة رفيعة في الإسلام
في البداية تحدث عميد معهد الأئمة والدعاة برابطة العالم الإسلامي فضيلة الدكتور حسن بن على الحجاجي حول الأمر الملكي الخاص بتمثيل المرأة في مجلس الشورى ب30 مقعداً فقال: إن للمرأة في الإسلام مكانة تدل على التقدير والإجلال لها، والنساء شقائق الرجال، والمرأة في الإسلام هي الأم والبنت والأخت والزوجة؛ لذا أعطاها الإسلام حقها كاملاً في التوريث والملك، وفي الموافقة على اختيار الزوج، وهي مساوية للرجل في العبادات والأحكام والتشريع إلا ما كان خصوصية لها.
لذلك فإن القيادة الحكيمة في بلاد الحرمين وهي تولي المرأة الاهتمام الفائق، ففتحت الجامعات والمدارس، وساهمت في حركة التوظيف والتمريض، وبعض الأعمال الاقتصادية.
المصطفى استشار النساء
وأضاف: نرى اليوم خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله ورعاه- قد بوأ المرأة مكانة في مجلس الشورى، وهي بادرة وجدت الترحيب واستحقت التقدير في كثير من الأوساط الاجتماعية، وقد ثبت في السيرة النبوية أن الرسول صلى الله عليه وسلم استشار بعض نسائه في قضايا مهمة، مثل استشارته لأم سلمة في غزوة الحديبية، عندما أبرم صلى الله عليه وسلم مع قريش صلحاً، وطلب من أصحابه أن يتحللوا من إحرامهم، فترددوا لحظة، فقالت له يارسول الله اذهب وانحر هديك واحلق شعرك وحل أحرامك دون أن تكلم أحداً، وفعل ذلك، وبادر أصحابه بالتحلل، كما أنه بتقصي سيرة أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها - نجد أن لها الكثير من المرويات في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما كان للنساء دور في مرافقة الجيش، ومداوة الجرحى وغيرذلك من المهام.
مشاركة المرأة في قرار الشورى يجعل القرار أنضج وأقوّم وأعمّ نفعاً
لذا رأينا الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - بالاستفادة من العنصر النسائي في مجلس الشورى وهو رأي متفق مع ما في شريعتنا من الاستفادة من المرأة بالضوابط الشرعية التي لم تخف على خادم الحرمين - وفقه الله - فليس لنا إلاّ أن ندعو له بطول العمر في طاعة الله، وأن يوفقه ويسدد على طريق الخير خطاهُ.. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
هذه مكانة المرأة في الإسلام
وقال فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن ناصر الحمود - الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء والأستاذ بكلية الشريعة بالرياض سابقاً ووكيل المعهد العالي للقضاء سابقاً.. معلقاً على الأمر الملكي بدخول النساء عضوية الشورى:
أولاً: المرأة في الإسلام أخذت حقوقها كاملة وفق طبيعتها الإنسانية وما يتفق مع تكوينها العقلي والجسماني، وكانت في صدر الإسلام تسهم بما لها من قدرات وإمكانات في السلم والحرب، والرسول صلى الله عليه وسلم جعل للنساء يوماً يعظهن فيه ويقضي حوائجهن وقوله صلى الله عليه وسلم: (قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانئ) دليل على قبول شفاعة المرأة والأخذ برأيها، ولما اشتكت امرأة أبي سفيان بأن زوجها شحيح لا يعطيها ما يكفيها حكم لها الرسول صلى الله عليه وسلم دون أن يسمع من زوجها مما يدل على أن لها الحق في المطالبة بحقها وأن الأصل صحة دعواها، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم رأي المرأة التي وهبت نفسها له ترغب الزواج منه ولما نظر إليها لم ترق له فرغب فيها أحد الصحابة وتزوجها، فقبول عرضها وعدم رفضه دليل على قبول رأيها وأنها أولى بمعرفة مصلحتها، وكذلك قصة المرأة التي اشتكت وليها لكونه زوجها بدون رضاها فرد الرسول صلى الله عليه وسلم نكاحها وأخرى خيَّرها، وفي الحديث الصحيح: (لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الأيم حتى تستأمر) وفي لفظ (الأيم أحق بنفسها من وليها) كل ذلك يدل على اعتبار رأيها وقبوله شرعاً.
ثم إن المرأة البالغة العاقلة لها حق التصرف في مالها وفي شؤون حياتها كالرجل لكمال أهليتها، ولها حق الحضانة والولاية على الصغار، وكذلك قبول شهادتها وإقرارها وسماع دعواها، وهي المرأة العاملة في محيط بنات جنسها، فالإسلام أعلى مكانة المرأة بعد أن كانت قبل الإسلام منبوذة مهانة تُعد من سقط المتاع.
المرأة عبر التاريخ الإسلامي شاركت في الجهاد والعمل والإفتاء والطب والصيدلة والثقافة
تطبيق عملي لنظرة الإسلام
ثانياً: دخول المرأة في مجلس الشورى يُعد أنموذجاً من حق المرأة في الاستشارة، وهو تطبيق عملي لنظرة الإسلام للمرأة، وأن النساء شقائق الرجال، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، ورأيها معتبر ما دامت كاملة الأهلية كالرجل.
مصالح المجتمع لا تقتصر
على حقوق الرجال فقط
ثالثاً: خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - أدرك أهمية مشاركة المرأة في مجلس الشورى، وقد أصاب حين جعلها عضواً في المجلس، لأن مصالح المجتمع لا تقتصر على حقوق الرجال فقط، فكما أن الرجل له حرية الرأي فكذلك المرأة المؤهلة علمياً وفكرياً، ولا يقتصر رأيها على حقوق النساء فقط فقد يكون لها رأي مقدم على رأي الرجل، لأن المعيار ليس الجنس وإنما الرأي السديد، ولكثير من النساء مواقف قد يعجز عنها بعض الرجال، فالرأي والحكمة موهبة من الله لا تخص جنساً دون جنس.
الدور الريادي للمرأة في الإسلام
رابعاً: المرأة في الإسلام لها دور ريادي وكونها لا تتولى القيادة الكبرى لا يدل على ضعفها من كل وجه، وإنما لها خصوصياتها التي تناسب طبيعة خلقتها والمحافظة على عفتها وكرامتها، فليس الذكر كالأنثى كما أخبر الله تعالى مما يدل على وجود فرق في القدرة على التحمّل لا في إبداء الرأي والمشورة. فرأيها شرعاً معتبر ومقدَّر.
خامساً: استشارة المرأة جائزة شرعاً سواء فيما لا يقدر عليه إلا النساء أم غير ذلك لأنها امرأة كاملة الأهلية، ولذلك شواهد في عصر صدر الإسلام وما بعده يضيق المقام لذكرها.
المرأة مؤهلة شرعاً
للمشاركة في الشورى
سادساً: المرأة مؤهلة شرعاً للمشاركة في الشورى في الدولة لعدم وجود المانع، ولأن الحاجة داعية إليها في بعض المواقف، فهي مكملة للمشورة مع الرجل، بل من القضايا المطروحة في المجلس ما يحتاج فيه لرأي المرأة، وسيتضح ذلك من خلال تفعيل هذه المشاركة سواء في جانب التعليم أم التأهيل أم غير ذلك من قضايا المجتمع.
عنصر فاعل في المجتمع
فالمرأة جزء لا يتجزأ من المنظومة الفكرية، وهي عنصر فاعل في المجتمع. وستثري مشاركتها أعمال المجلس، وسيكون لها دور بارز في الطرح والمناقشة، فمن النساء من تفوقن على الرجال في التعليم والمهارات الأخرى. والواقع يشهد لذلك، والمجتمع السعودي يحظى بعدد كبير من النساء المؤهلات علمياً وفكرياً، ومنهن من تم ترشحن لعضوية المجلس فهو اختيار موفق، نسأل الله لهن التوفيق والسداد.
دور المرأة في إصلاح المجتمع مهم ومحوري
من جانبه أكَّد فضيلة الدكتور عبدالرحمن الحازمي المستشار في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والعضو في الهيئة العالمية للتعليم الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ومدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمنطقة الغربية سابقاً فقال: المرأة هي الأم، والجدة، والعمة، والخالة، والزوجة، والبنت، والأخت وتمثل التراحم والتكافل والترابط والمحبة فيما بينهم.
كما أنّ دور المرأة في إصلاح المجتمع دورُ لهُ أهمية كبرى، فهو دور مهم ومحوري، وذلك لأنها نصف المجتمع، كما أن نشأة الأجيال أول ما تنشأ إنما تكون في أحضان النساء، وبه تتبين أهمية ما يجب على المرأة في إصلاح المجتمع.
ودخول المرأة في مجلس الشورى فرصة أمام نصف المجتمع بحيث يكون فاعلاً ومؤثراً ومشاركاً في القرارات التي من شأنها أن تسهم في حركة التطوير والتنمية التي تشهدها المملكة العربية السعودية في كل قطاعاتها.
والخطوة تمثل مقدار الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بالمرأة وقضاياها، والاستفادة من العنصر النسائي في مجلس الشورى.
وندعو الله عزَّ وجلَّ أن يمدّ في عمر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لطاعته ورضوانه وأن يوفقه ويسدد على طريق الخير خطاه.
إضافة لعمل المجلس
فيما وصف الشيخ الدكتور أحمد بن عبدالله الفريح مدير المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى تنصيب المرأة عضواً في مجلس الشورى بالأمر الجيد، موضحاً أن النساء يعرفن أحوالهن الخاصة وما يخص بني جنسهن وهي خطوة ناجحة وجيدة أي تعيين عضوات في المجلس لكن المهم برأيه أن يبقى رأي المرأة في المجلس خاضعاً للحدود الشرعية ومن الطبيعي أن يكون راعى في اختيارهن أنهن متخصصات ولهن اطلاع بالعلم الشرعي ودراية بالأحكام وحقوق المرأة وعليها ألا تستقل برأيها بعيداً عن الشريعة وما جاء في الكتاب والسنّة وآراء العلماء الأفاضل.
الضوابط التي أكد عليها الأمر الملكي نابعة من الكتاب والسنَّة ولا تغفل متطلبات العصر
شقائق الرجال
وحثَّ الفريح العضوات ألا يستقللن بالرأي في أمور المرأة، فيجب على الرجال مشاركتهن، فكل عضو لديه زوجة وبنات وأخوات ولا غنى لهن عن أشقائهن الرجال، كما وصف ذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام فتعيينهن أمر مفيد للمجتمع ومشاركتهن الرأي لنصف المجتمع الآخر أمر لا غنى عنه.
تفعيل لعمل المجلس
وحول دور النساء داخل المجلس وما يمكن أن يضيفه وجدهن على عمل المجلس قال: إن وجودهن سيضيف دون شك لعمل المجلس، فلقد رأينا على مدى السنوات أعضاء المجلس يبدون آراءهم ويؤخذ بها وتتحول في نهاية المطاف إلى قرارات وهناك كثير من المواد تم تعديلها من المجلس فيما يخص أنظمة الوزارات.
مكانة عظيمة للمرأة
من جانبه أكَّد فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد نافع المورعي الأستاذ بقسم الكتاب والسنَّة بجامعة أم القرى وإمام وخطيب جامع فقيه بالعزيزية بمكة ورئيس اللجنة العلمية لمؤتمر مكة التابع لرابطة العالم الإسلامي سابقاً والفقيه المعروف قال: إن مكانة المرأة في الإسلام عظيمة ورفيعة وعميقة، فالمرأة تمثل النصف الثاني للمجتمع ولا تستقيم الحياة إلاّ باستقامة ركنيها المرأة والرجل على أساس الدين الحنيف والمنهج الأقوم.
فالمرأة هي الأم والجدة والأخت والعمة والخالة والبنت والزوجة وتسود علاقة المحبة والاحترام والبر والتوقير. تلك العلاقة بحسب أوضاعها المختلفة، فتمثل التراحم والتعاون والتكافل وأي شذوذ عن ذلك فهو قطيعة وعقوق رتب الله عليه الذم في الدنيا والوعيد الشديد في الآخرة، والأسرة المسلمة هي الحصن الحصين لكل التحديات في صون الأسرة والمجتمع.
نماذج مضيئة
والرسول صلى الله عليه وسلم استشار بعض نسائه في قضايا مهمة، مثل استشارته لأم سلمة في غزوة الحديبية، عندما أبرم الرسول صلى الله عليه وسلم مع قريش صلح الحديبية، وطلب من أصحابه أن يتحللوا من إحرامهم، فترددوا لحظة، فقالت له: يارسول الله اذهب وأنحر هديك واحلق شعرك وحل إحرامك دون أن تكلم أحداً، وفعل ذلك، وبادر أصحابه بالتحلل، وكما كان للنساء دور في مرافقة الجيش ومداواة الجرحى، كما أنه بتقصي سيرة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها نجد أن لها كثيراً من المرويات في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المشاركة الفاعلة
ونبأ دخول المرأة إلى مجلس الشورى أدى إلى الفرح والغبطة، لما يمثله ذلك فرصة أمام نصف المجتمع بحيث يكون فاعلاًً ومؤثراً ومشاركاً في القرارات التي من شأنها أن تسهم في حركة التطوير والتنمية التي تشهدها المملكة العربية السعودية.
والخطوة تمثل مقدار الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بالمرأة وقضاياها. فالمرأة السعودية لها رؤى مهمة وخاصة بتطوير الوطن، لذا رأى خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - أهمية الاستفادة من العنصر النسائي في مجلس الشورى. وندعو الله عزَّ وجلَّ أن يطول في عمر خادم الحرمين الشريفين لطاعته ورضاه وأن يوفقه ويسدد على طريق الخير خطاه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
مدير المعهد العالي للأمر بالمعروف بمكة: تعيين عضوات بمجلس الشورى خطوة ناجحة وجيدة ومفيدة للمجتمع
قرار إيجابي
من جهته رأى الشيخ الدكتور محمد الشريف الداعية المعروف والباحث الشرعي أن دخول المرأة مجلس الشورى أمر جائز شرعاً، لأن النبي عليه الصلاة والسلام استشار النساء في أكثر من موضع وزمان، واعتبر دخول المرأة للمجلس أمراً إيجابياً.
ونوّه الشريف إلى ضرورة وجود المرأة في مجلس الشورى وفق القواعد الشرعية فقال: يجب أن يكون وجودهن ضمن الضوابط الشرعية والقرار الملكي جاء واضحاً بهذا الصدد ويجب أن يراعى ولا يهمل هذا القرار بالضوابط الشرعية التي اعتمدها وكانت جزءاً من القرار، فنحن مجتمع متدين يفخر بالإسلام.
وفي رسالة وجهها للعضوات قال الشريف: وأوجه رسالة إلى أخواتي العضوات وأنصحهن فيها أن يتقين الله عزَّ وجلَّ وأن تكون النقاشات منبعها أصول الشريعة ومفيدة للمجتمع فلا يجوز ما يشرع إلا ما أمر به الله عزَّ وجلَّ ورسوله صلى الله عليه وسلم وأن يعلمن أن هذه المناصب تكليف وليس تشريفاً وأسأل المولى أن يعينهن على هذه المهمة العظيمة ويوفقهن لخير البلاد والعباد.
قرار يستند إلى تراث إسلامي عظيم
فيما نوّه الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد بمشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى وفق الضوابط الشرعية.
وأكد الدكتور السديري أن مشاركة المرأة جاءت في الوقت المناسب بعد أن وصلت المرأة السعودية إلى درجة متقدمة من التعليم والعمل في شتَّى مناحي الحياة ما يتطلب معه مواكبة ذلك بمشاركتها في اتخاذ القرار والرأي والمشورة في إطار ضوابط الشرع الحنيف.
ولفت السديري إلى أن قرار المشاركة ينطلق من إدراك ووعي خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- لمتطلبات المرحلة وشجاعة قائد أمة وباني نهضة مؤمن بالله ومتوكل عليه، ومستند إلى تراث ديني ضخم وعريق.
د. محمد الشريف: دخول المرأة في عضوية مجلس الشورى أمر جائز شرعاً.. وهو قرار إيجابي لمصلحة المجتمع
المرأة المسلمة
وأشار إلى أن المرأة العربية المسلمة كانت عبر التاريخ صنو الرجل والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "النساء شقائق الرجال"، وقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة حقها منذ اللحظات الأولى لبناء الدولة الإسلامية، حيث أشركها في مهام خطيرة وكبيرة، حيث اشتركت المرأة في بيعة العقبة التي كانت بذرة إنشاء الدولة في الإسلام.
دور أم المؤمنين خديجة
واستشهد في هذا الصدد بدور أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في دعم ومساندة الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية بعثته، وكذلك ما قامت به أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما من دور خطير أثناء عملية الهجرة من مكة إلى المدينة، والأمثلة كثيرة لما قامت به أمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات من دور في بناء دولة الإسلام الأولى في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والعلمية والفكرية مروراً بنساء المؤمنين في عهد الخلفاء الراشدين وما تبعه من عصور النهضة الإسلامية، ما يؤكد أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين باتخاذ مثل هذه القرارات تستند إلى تراث إسلامي عظيم لا يهمش المرأة ولا يهضمها حقها، بل يعطيها إياه في الوقت والمكان المناسبين.
وتمنى د. السديري أن تكون المرأة السعودية لها إسهامات فاعلة تتواكب مع هذه القرارات الحكيمة الشجاعة.
لولي الأمر أن يستعين بمن يراه
من جانب آخر رأى فضيلة الشيخ الدكتور زيد بن عبدالرحمن العثمان عضو التدريس بقسم الدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن لولي الأمر أن يستعين بمن يراه جديراً بالشورى وإبداء الرأي سواءً كان المستشار رجلاً أو امرأة.
وقال فضيلته: إن مفهوم الشورى وحقيقته هو استجلاب أهل الخبرة والبصيرة والاستنارة برأيهم للوصول إلى القرار الأقرب للصواب، وكلما كان أهل الشورى من أصحاب الحكمة والرأي الصائب كان الأمر في اتزان.
ضوابط شرعية
وشدد فضيلته على أن لولي الأمر أن يستعين بمن يرى أنه جدير بذلك سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو رجالاً ونساءً. مؤكداً فضيلته على أن المهم هو أن يتصف عضو مجلس الشورى بحبه لوطنه قولاً وعملاً، وأن يكون له سجل حافل يشهد له بذلك، وأن يحمل همّ أمته ويمثلهم ويسعى لتحقيق متطلباتهم. فبلادنا ولله الحمد منهجها الإسلام تطبّقه في دستورها وتدعو إليه ظاهراً وباطناً ولذا كان لزاماً أن يكون عضو مجلس الشورى من أهل التقى والورع، أهل العلم والخبرة ممن عرف عنه حبه لدينه وبلاده وهم كثر ولله الحمد.
ودعا فضيلته الأعضاء الجدد إلى تجنب التصريحات والمواقف التي قد تُفهم فهماً خاطئاً، وقال: إن ما صدر من تصريحات من بعض الأخوات بعد صدور قرار بتعيينهن عضوات في مجلس الشورى بتبنيهن قيادة المرأة للسيارة ينم عن ضيق الأفق، وأن تطلعاتها أقل من أن تتولى مثل هذه المهمة، فالمشكلة ليست في جنس الرجل أو المرأة إنما ما يحمله من همّ.
د. زيد العثمان: لولي أمر المسلمين أن يستعين في المشورة بمن يراه وهذا هو مفهوم الشورى وحقيقته
تتويج لنهج أصيل
وقال الشيخ أ.د. إسحاق بن عبدالله السعدي - الأستاذ بكلية الشريعة بالرياض بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:
جاء قرار خادم الحرمين الشريفين تعيين العضوات الثلاثين في مجلس الشورى تتويجاً لنهجٍ أصيل في بناء الدولة منذ طورها الأول؛ إذ كانت المرأة ذات رأي يعتد به ويؤسس عليه في الشأن العام، وتتسنم المكانة اللائقة بشخصيتها ومنزلتها بجدارة واقتدار؛ وهذا النهج لا تعوزه الشواهد والأمثلة طيلة تاريخنا الوطني، بل هو من أهم ما يميِّز سياسة المملكة العربية السعودية؛ فللمرأة حضورها الدائم في جميع دوائر فاعليتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا غرو فتلك المكانة والمنزلة تستمد شرعيتها من الشرع الحنيف الذي مكَّن المرأة من حقها في المشاركة والحضور في الحياة الخاصة والعامة على مستوى الأسرة والمجتمع والدولة منذُ شع نور الإسلام من غار حراء؛ إذ كان لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أكبر مشاركة في الدعم النفسي والمعنوي والمادي للمصطفى الكريم للاضطلاع بحمل المسؤولية في تبليغ الرسالة، واستمر ذلك الحضور وتلك المشاركة للمرأة على مدى تاريخ الإسلام في نشوء حضارته وتطورها وازدهارها، ولم يتراخ دورها إلا بسبب الضعف الذي أحاق بفكر الأمة في فترات ضعفها التي تظل بحاجة لمزيد الدراسة والنقد والتقويم.
مبادئ الإسلام وتعاليمه
إن مشاركة المرأة في الشأن العام حقيقة لا يمكن تجاوزها بالنظر لمبادئ الإسلام وتعاليمه وبالنظر كذلك لواقعه التاريخي مهما وجهت له التهم أو أثيرت حوله الشبهات.
أما ما يطرح حول قضايا المرأة من وجهات نظرٍ متعددةٍ في منطلقاتها وغاياتها فذاك شأن آخر؛ ينبغي أن يفتح له الحوار بأسلوبٍ حضاري إنساني يدرك الدوافع والغايات، ويميز بين الأصيل والدخيل والذاتي والموضوعي، ويميز كذلك بين المواكبة ومقتضيات التحديث؛ من حيث تطوير مشاركة المرأة من خلال الآليات الحديثة، وما من شأنه إخضاع قضايا المرأة لتقنين العولمة وتمرير سياساتها التغريبية.
خصوصية المرأة وضوابط الشرع
والقرار الحكيم
وقال فضيلة الشيخ الدكتور ناصر الخنين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: لقد علم الجميع بالأمر الملكي الكريم القاضي بتعديل بعض مواد مجلس الشورى وإعادة تشكيله لمدة أربع سنوات قادمة على أن يتكون من مئة وخمسين عضواً - عدا الرئيس - تشكّل النساء نسبة عشرين في المئة من مجموع الأعضاء، وقد دبج بتحديد ضوابط مشاركة المرأة في المجلس، وضرورة التزامها بالحجاب الشرعي، وخصوصية مكان النساء ومكاتبهن ومدخلهن ومخرجهن في المجلس، وانفرادهن في ذلك عن الرجال؛ وهذه الخصوصية نابعة من التزام هذه البلاد بلوازم نصوص الوحيين وقواعد الشريعة التي وسعت ذلك كله وغيره، وجعلت له حدوداً وشروطاً؛ ضماناً لتحقيق المصالح العليا، ودفعاً لوقوع المفاسد الكبرى، أو طغيانها على ما يُرجى من المنافع المتوخاة.
أ.د. إسحاق السعدي: مشاركة المرأة في الشأن العام حقيقة لا يمكن تجاوزها بالنظر لمبادئ الإسلام وتعاليمه
سعة القواعد الشرعية
ومن هنا ندرك أمرين: الأول سعة القواعد الشرعية واستجابتها للمستجدات الحضارية واستيعابها لمقتضياتها في صورة تحفظ للمجتمع سمته الإسلامي وخصائصه الإنسانية، والأمر الثاني حرص ولاة هذه البلاد - حرسها الله بحفظه - على السير على هدي الشريعة، واستصحاب قواعدها المرعية في سائر مناحي الحياة، وسياسة البلاد والعباد على ضوء وحيها وفي إطار حدودها، وهذا منهج سديد اختطه مؤسسها المعاصر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فجمعت في ذلك بين حفظ الشريعة والعمل بها وبين سياسة الرعية وحفظ حقوقهم في ضوء هديها.
بيت الخبرة
وقال فضيلة الشيخ: إن مجلس الشورى يعد بيت الخبرة ومجمع العقول الناضجة؛ والناظر في تخصصات أعضائه وطبيعة أعمالهم ومواقعهم ومناطقهم وقبائلهم يجد ثراءً متعدد الأطياف، كما يجد توزيعاً شاملاً على الشرائح والتخصصات؛ مما يدخل في عمق أعمال المجلس، ويثري مناقشاته، ويجعل الرأي المقدم من المجلس ناضجاً منخولاً؛ لذا لا نستغرب في أن كثيراً من القرارات المؤثِّرة الصادرة عن مجلس الوزراء.
لا نستغرب من كون كثير من القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء مبنية على رأي مجلس الشورى؛ فرأي المجلس معلم وليس ملزماً؛ وهذا هو الصواب في هذا الباب.
ليكن القرار أنضج وأقوّم وأنفع
وأما مشاركة المرأة فهي جديدة وهي مبنية على فتوى شرعية بجواز ذلك؛ للإفادة من رأي المرأة خاصة في الجوانب التي يفلح رأيها فيها ويعد رأيها معتبراً عند عرض قضاياها أو قضايا تتعلق بأوضاعها؛ فيحسن سماع ما لديها في ذلك؛ ليكون القرار المتخذ - المتعدد الآثار - أنضج وأقوّم وأعم نفعاً؛ والمهم ليس مشاركتها فقد وقعت؛ لكن الأهم هو صفة المرأة المرشحة للمشاركة؛ والتي ينبغي في نظري أن تتسم بصفتين: الأولى الشهادة لها بالاستقامة في المنهج الشرعي والالتزام بالأدب الإسلامي، الصفة الثانية التميّز في تخصصها العلمي والإلمام بجوانبه المتصلة به؛ حتى تتم الاستفادة منها فيه عند الاحتياج.
مضامين وضوابط شرعية
وقال فضيلة الشيخ: لا يخفى أن مقدمة الأمر الملكي الكريم الذي قضى بمشاركة المرأة في مجلس الشورى قد أشار إلى مضامين ذلك؛ فالمؤمل هو العمل بذلك والالتزام به؛ من قبل المعنيين والمعنيات؛ وذلك لأن هذا المجلس في أعضائه وعضواته يمثّل تطلعات ولاة الأمر كما يمثّل أمنيات المواطنين والمواطنات؛ الذين يهمهم أمر هذه البلاد وأمنها، ويعنيهم سمت هذه الدولة وخصوصيتها؛ فهي قبلة أهل الإسلام وقدوتهم في كثير من مظاهر الحياة الدعوية والاجتماعية والسلوكية والأدبية والحضارية والإعلامية والسياسية.
واختتم فضيلته تصريحه قائلاً: الله الله أن يُؤتى الإسلام أو أهله من تقصير مسؤول أو مسؤولة، وإذا صلحت النية وجد المسؤول واجتهد، واستعان بالله وتوكل عليه؛ وجد توفيق الله ونصره بين يديه.
تطبيق الضوابط الشرعية سينجح (المرأة) في الشورى
وقال فضيلة الدكتور سعد بن عبدالله السبر - عضو هيئة التدريس والخطيب المعروف: إن الله سبحانه وتعالى جعل الناس نوعين ذكراً وأنثى {خلق الزوجين الذكر والأنثى، وجعل لهما حقوقاً وأوجب عليهما واجبات لم ينقص المرأة ولم يخص الذكر بتفضيل ينقص قدر المرأة، بل فضَّل الله بعضهم على بعض دون نقص في النوع الثاني: {وليس الذكر كالأنثى
إذا تقرر ذلك فلننظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم عندما استشار أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية، عندما أمر الصحابة بالتحلل بعد أن يحلقوا فلم يفعلوا فقال لأم سلمة مالي آمر فلا أُطاع بعد أن رأته غضبان فسألته فأخبرها بالأمر فقالت له اخرج واحلق رأسك وسيحلقون.
د. ناصر بن خنين: يجب أن ندرك سعة القواعد الشرعية واستجابتها للمستجدات الحضارية واستيعابها لمقتضياتها
هذه المشورة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أمر الجيش في قضية سياسية وهي صلح مع العدو ورجوع عن العمرة ودخول مكة والصحابة قدموا ليدخلوا للعمرة ومعهم الله ثم القوة والقدرة ومع ذلك ردهم النبي ولم يدخلوا وعندما رأوه حلق حلقوا رؤوسهم وامتثلوا أمره فكان قبولهم بسبب مشورة امرأة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
القرار المفيد
وأضاف فضيلة الشيخ قائلاً: إن قرار ولي الأمر -وفَّقه الله- بإدخال المرأة كعضو في مجلس الشورى أمر مفيد، فلعلها تشارك أعضاء المجلس من الرجال في المشورة والرأي وربما وجدنا من المرأة رأياً أفضل من بعض الآراء لدى أعضاء المجلس من الرجال.
ولو تأملنا الشريعة لوجدنا أن المرأة في صور عدة في الميراث ترث مثل الرجل أو أكثر منه مثل الأخت الشقيقة والزوجين الإرث بينهما بالنصف والأخ الشقيق والأخ لأم له السدس وللأخت الباقي.. إذاً الشريعة لم تنقص المرأة.
التذكير بالضوابط
واستطرد فضيلته قائلاً: إن مما ينبغي التذكير به والتمسك به (وهو منصوص عليه في الأمر الملكي الصادر في هذا السياق) أن يكون دخول المرأة لمجلس الشورى وفقاً للضوابط الشرعية في عزل المرأة عن الرجال داخل القاعات وخارجها وفي المكاتب الخاصة بحيث تضبط ضبطاً لا يقع فيه محظور.
وها نحن نشاهد التعليم في الجامعات يُقام بين الجنسين ويتم التواصل فيه عن طريق الشاشات، ويجب ألا يكون نظرنا للأمر منصباً على القذف والتهمة بدون دليل، وهذا لا يجوز شرعاً فالبعض ربما قرَّر وحكم أن دخول المرأة سيحقق الاختلاط بدون دليل ونحن في بلاد التوحيد والشريعة بفضل الله نشاهد التدريس والحوارات الوطنية تُقام بفصل وضبط شرعي.
وليحذر القائمون على تنفيذ الأمر الملكي من تجاوز الضوابط الشرعية أو التهاون في تطبيقها لأنها من ضمانات التطبيق الرشيد للأمر الملكي الكريم.
وفَّق الله ولاة أمرنا لكل خير وحمى بلادنا من كل سوء ومكروه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المرأة مكلفة كالرجل
وقال فضيلة الدكتور محمد بن خالد الفاضل - الباحث والأكاديمي المعروف وعضو هيئة حقوق الإنسان: أولاً شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة وعلى طرح هذا الموضوع المهم والجيد، وهو يأتي بمناسبة دخول المرأة مجلس الشورى وقد صدر الأمر الكريم بإعلان أعضاء مجلس الشورى المتضمن لنسبة 02% من النساء - أي ثلاثين امرأة -.
ولا شك أن المرأة هي مكلفة كالرجل والفروق التي بينهما هي فروق في أشياء محددة ومعينة لكنهما في التكليف والأحكام والاستفادة من العقل والحكمة والمشاركة في مجالات العمل والخير لها الحق في ذلك بالضوابط الشرعية، والرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته كانوا يستشيرون النساء كما حدث في صلح الحديبية مع أم سلمة رضي الله عنها، وعندما دخل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم مهموماً فأشارت عليه بأن يدعو الحلاق ويحلق أمامهم ففعل فتعابعه الصحابة وكانت مشورة صائبة من امرأة حكيمة هي أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.
الشيخ أحمد آل طالب: للمرأة المسلمة دورها الريادي في بناء المجتمعات الإسلامية
وكذلك سيدنا عمر كان يسأل حفصة ويستشيرها وكذلك قصص كثيرة عبر العصور ليس المجال هنا لسردها، وهي معروفة، بل من العلماء والمشايخ من تجد في مدونته أنه تتلمذ على بعض النساء كما هو المعمول في إطار المحافظة على المرأة وعدم الخروج على المرسوم لها من النصوص الشرعية التي جاء بها القرآن والسنَّة، ففي هذا العصر لا شك أن إسهامات المرأة أكبر لأن التعليم فتح على مصراعيه ونالت أعلى الشهادات «الماجستير والدكتوراه». وظهر منهن طالبات العلم الشرعي والطبيبات وكل هذا مع أدبهن وحيائهن والتزامهن، وهذا معروف عن سمت التعليم في المملكة ولله الحمد. ولا محظور شرعي في ذلك.
العلماء أفتوا بذلك
وقال الدكتور محمد الفاضل: لقد أفتى عدد من العلماء وهيئة كبار العلماء بدخول المرأة في مجلس الشورى وهو ما أشار إليه خادم الحرمين الشريفين في خطابه الكريم فلا مانع شرعي من دخولهن مجلس الشورى ولا غيره، فالمهم تهيئة الجو المناسب المهيأ وفق ضوابط الشرع والقواعد الشرعية المنضبطة التي نص عليها الأمر الكريم والتي سيكون الالتزام بها كاملاً ودقيقاً ولا أعرف عالماً من العلماء يتحفظ على عمل المرأة وفق الضوابط الشرعية وما يدعيه البعض في الإعلام من أن العلماء ضد تعليمها أو عملها ويؤلفون قصصاً على ذلك، فهذا لا أساس له من الصحة.
عمل محمود
وأما عمل المرأة والاستشارة والاستنارة برأيها فهذا عمل محمود شريطة أن يكون وفق الضوابط الشرعية وأن تكون مطبَّقة تطبيقاً حقيقياً والعلماء يتمنون أن تكون في جو محافظ وكان الأمر بذلك الذي صدر من خادم الحرمين الشريفين قوياً وصارماً ومحدداً لهذه الضوابط الشرعية ومؤكداً عليها وحريصاً على تطبيق قواعد الشرع الحنيف مما يمنح المرأة فرصة العطاء والعمل والإنتاج في جو شرعي صحيح، ونحن ندعوهم إلى توسيع عملها إذا كان في جو نسائي مغلق كالعمل في مستشفيات نسائية بنسبة 100% إن شاء الله ستتوفر الآلاف من الوظائف ومثل ذلك في التعليم وفي أي مجال آخر.
وحول الأعمال التي يمكن أن تضيفها المرأة في مجلس الشورى قال د.محمد الفاضل: المرأة قد تكون أعلم من الرجال فيما يخص المرأة، وكذلك أيضاً تستشار في الأمور العامة كما قرره العلماء ولا مشكلة في ذلك.
د.إبراهيم الحمود: الإسلام أعطى المرأة حقوقها كاملة وهذا القرار الحكيم تطبيق عملي لنظرة الإسلام للمرأة
الأمر الملكي كان واضحاً
وأضاف الفاضل قائلاً: وأما المتخوفون قد يكون لديهم ما يبرر هذا التخوف لأنهم يرون بعض الممارسات الخاطئة غير المقبولة في بعض البلدان الأخرى ويرون أن فتح المجال على مصراعيه هكذا سيترك شقاً آخر ومن هنا كان لا بد من وضع الشروط الصحيحة والضوابط الشرعية لذلك.
والأمر الملكي كان واضحاً وصريحاً وحدد ضوابط الشرع في ذلك فقرر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يكون كل ذلك مقروناً بضوابط الشرع وأن يضمن لها الاستقلال التام في مكان خاص بها بعيداً عن الرجال.
والأصل للمرأة هو القرار في البيت، فالله سبحانه يقول: (وَقّرًنّ فٌي بٍيٍوتٌكٍنَّ)، لكن عمل المرأة اختياري فالمرأة ليست مكلفة كالرجل بالإنفاق مهما كانت غنية، لكن أيضاً لا ينبغي أن يكون العمل إلا في بيئة مناسبة لا يؤثِّر على كرامتها أو حيائها،والمحافظة عندي على كرامة المرأة وعدم إهانتها أهم عندي من أن يفتح الباب على مصراعيه وهذا الذي ينبغي أن نتصدى له، وعمل المرأة كما قلت اختياري يجب ألا يتعارض مع عملها في البيت والأسرة وعندما ترى أن عمل الخارج يتعارض مع عمل البيت فإنها قطعاً ستضحي بعمل الخارج، أما مسألة أنها تترك بيتها والعمل فيه فريضة وتعمل في الخارج وهو في نظري نافلة، فهذا عكس الأولويات فلا ينبغي للإنسان أن يهتم بالنوافل ويفرط في الفرائض..أما من ترى نفسها أنها تستطيع أن توفق بين الأمرين ويتحقق لها ذلك بالجو المناسب للمرأة المسلمة فهذا أمر جيد وهو ما تحدثنا عنه في البداية.
مصالح المجتمع لا تقتصر على حقوق الرجال فقط فالمرأة المؤهلة علمياً وفكرياً لها حق
مطلب شرعي
وقال الدكتور محمد الفاضل: إنني أرى أن حضور المرأة في الأماكن المناسبة لها وفق الضوابط الشرعية لتكون ممثلة عن غيرها ويشترط فيها الإخلاص والغيرة على بلادها وأهلها والتدين فهذا مطلب شرعي ومهم وخاصة في مثل هذه الأماكن المهمة كالمجالس النيابية وبالضوابط الشرعية كما ذكرت وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - والتزم به مجلس الشورى بتحقيق هذه الضوابط فلا مشكلة في حضورها ومشاركتها.
وقال د. الفاضل: نحن لا ندعي الكمال لكن ولله الحمد البيوت عندنا محافظة في الجملة والمرأة تتربى فيها تربية سليمة وتتعلم وتتربى في الدور النسائية والمساجد ودور التحفيظ وهناك محاضرات ومنتديات كله متوفر ولله الحمد عندنا نخبة من النساء الداعيات اللاتي وصلن في العلم من حيث الشهادة إلى مراتب عليا ومن حيث التحصيل العلمي إلى مراتب عليا.
لدينا المرأة المؤهلة القادرة
وأضاف الفاضل قائلاً: لدينا المرأة المؤهلة القادرة على العطاء في هذا المضمار.. لدينا نساء مؤهلات في ميادين شتَّى فإذا أحسنا الاختيار فلا شك في نجاحهن في هذا العمل وعندنا أكثر من ألف بكثير من حملة شهادة الدكتوراه، بل ربما يزيد على ألفين ومنهن في التخصصات الشرعية، كذلك فالأعداد كبيرة جداً في كافة التخصصات لدينا مجموعة من النساء المتميزات اللاتي يحسن المشورة والرأي، بل ربما يفقن مثيلاتهن في الخارج بشرط أن نحسن الاختيار من الرجال والنساء والمناصب هذه غُرم وليس غُنماً.
وينبغي على الإنسان أن يؤدي ذلك بحقه فهي أمانة وعلى الإنسان ألا يختار إلا من تبرأ به الذمة، فلدينا كفاءات نسائية في تخصصات مختلفة.. لذا يُحسن الاستفادة منهن في هذا المجلس المهم الذي يصدر عنه قرارات مهمة في الشأن العام.
د. عبدالله بن بيه: المرأة في الأمور الشرعية مكلفة بما يكلف به الرجل والخطاب التكليفي جاء عاماً للرجل والمرأة
وحول الدور المطلوب من المرأة داخل المجلس قال الدكتور محمد الفاضل: المرأة الآن سيكون لها الحق الكامل في المناقشة والحوار والأداء بالرأي كأخيها الرجل، وهي عضو في المجلس، وكذلك المشاركة في اللجان وكل مناحي العمل في المجالس، كل ذلك في نطاق الجو المناسب المحتشم الذي أكد عليه توجيه خادم الحرمين الشريفين في الأمر الملكي والتزم بتنفيذه مجلس الشورى على أن يتم وفق ضوابط الشريعة وهو ما أقره العلماء الأجلاء.
المرأة مكلفة كالرجل
فيما أكد فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن بيه نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والفقيه المعروف، بأن الشورى من أحسن ما أُنزل إلينا من ربنا، حيث إن الشورى فطرة زكّاها الإسلام وكانت قريش تجتمع في دار الندوة للتشاور، وجاء الإسلام ليعزز مكانة وأهمية الشورى.
وأضاف بأن الشورى أقرها الإسلام وزكاها كقيمة اجتماعية وكنظام حكم، مبيناً أن مبدأ الشورى الذي قرره الإسلام هو تشريع للاختلاف الحميد بين أهل الحق وما دام في حدود الشريعة وضوابطها فلا يكون مذموماً، بل يكون ممدوحاً، ومصدراً من مصادر الإثراء الفكري، ووسيلة للوصول إلى القرار الصائب.
وبيّن الشيخ بن بيه بأن مسألة دخول المرأة في المجالس الشورية هي من المسائل التي شغلت الناس كثيراً في هذه الأيام، مشيراً إلى أن المرأة في الأمور الشرعية مكلفة بما يكلف به الرجل، أي أن الخطاب التكليفي جاء عاماً للرجل والمرأة إلا ما اقتضته طبيعة كل منهما وبالتالي فإن المشاركة خاضعة للضوابط التي وضعتها الشريعة الإسلامية.
وأضاف بأنه يجب أن ننظر إلى مبدأ "المرأة حبيسة البيت" بأنه مبدأ غير صحيح في الإسلام، وقد تخرّج من المدرسة النبوية شاعرات ومجاهدات.
الالتزام بضوابط الشرع
وأوضح الشيخ عبدالله بن بيه نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن هناك سقفاً معيناً مقبولاً وهناك ضوابط شرعية لا بد من اعتبارها عند دخول المرأة المسلمة في المجالس النيابية والشورية، علماً بأن المرأة لا يمكن أن تكون رجلاً، كما لا يمكن للرجل أن يكون امرأة، فهذه فطرة الله -سبحانه وتعالى- ومن أراد تغيير هذه السنن فمصيره الفشل بلا شك لأنها سنن إلهية لا يمكن تغييرها، مضيفاً بأن هناك شيئاً لا يريد الغرب فهمه، وهو أن للمرأة سقفاً لا يمكن أن تتجاوزه، وهذا السقف تحدّده طبيعتها وفطرتها. ومع ذلك فالإسلام منح المرأة كل حقوقها، وحرّرها من كثير من القيود التي كانت في الجاهلية، اعتباراً لمكانتها، وبالتالي ففي حدود هذه الضوابط الإسلاميّة الفسيحة والمرنة يمكن للمرأة أن تشارك وتخدم مجتمعها.
المرأة (حبيسة البيت) مبدأ غير صحيح في الإسلام وقد تخرَّج في مدرسة النبوة مجاهدات
المرأة فقيهة ومجاهدة
وقال فضيلة الشيخ أحمد بن عبدالله آل طالب - المحاضر بكلية الشريعة بالرياض: المرأة والرجل متّحدان في النوع البشري، وعلى هذا فالإسلام يساوي بينهما في الإنسانية وفي التكريم، وترتّب على هذا: المساواة بينهما في الخطاب، قال الله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أُضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى)، والمرأة وإن كانت مساويةً للرجل في النوع فهي مختلفةٌ عنه في الصنف، فهي أنثى وهو ذكر، قال الله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى)، فهناك فروقٌ بينهما في التكوين الجسدي والنفسي والعاطفي، ويترتب على هذه الصفة الخاصة للمرأة أسلوبٌ خاصٌ في التطبيق التفصيلي للأحكام التي شرعها الله، وهنا تختلف المرأة عن الرجل في بعض الأحكام التفصيلية؛ لأن المصلحة تقتضي هذا التفريق بين الرجل والمرأة.
وللمرأة في الإسلام دورٌ كبيرٌ في الدعوة والجهاد والعمل والمعرفة والتربية والتعليم والطب والصيدلة والأدب والشعر والثقافة، ومازال للمرأة دورها الريادي في بناء المجتمعات الإسلامية المباركة، وهناك نماذج داخل وخارج حدود الوطن لها بصمات واضحة مؤرخة وموثقّة في خدمة الإسلام والمسلمين.
مبادئ أصيلة
وأضاف فضيلة الشيخ قائلاً: قد صدر الأمر الملكي الكريم بدخول المرأة مجلس الشورى ومشاركتها فيه، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية، والتشديد في ذلك، مما يرسّخ المبادئ التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، وهي مبادئ أصيلة تستند إلى الكتاب والسنَّة، ولا تغفل متطلبات العصر.
للمرأة رأيها المعتبر
ولا شكّ أن رأي المرأة يعتبر مهماً في كثير من الأمور، بل إن رأيها في بعض الأحيان أقرب للصواب من آراء بعض الرجال، وأكثر حكمةً وتعقلاً، لا سيما في القضايا المتعلقة بالمرأة أو التي تهم بنات جنسها والمجتمع، خصوصاً إذا كانت صاحبة رأي وعلم وفكر ومشورة وتُقى وصلاح، وشواهد هذا كثيرة في القديم والحديث.
الالتزام بالدين
وقال فضيلة الشيخ: لقد جاء هذا القرار بإشراك هذه الشريحة المهمة من المجتمع التي يعد رأيها مهماً في كثير من قضايا المجتمع، مع المحافظة على الثوابت الدينية وقواعد الشريعة التي أقيمت عليها هذه الدولة المباركة، فالنساء لا شك أنهن بحاجة لأن يأخذن حريتهن في أماكن تخصهن بعيداً عن أماكن الرجال أو الاختلاط بهم؛ ولهذا جاء الأمر بالتركيز على جعل مكاتبهن منفصلةً عن الرجال، مما يجعل لهن شيئاً من الحرية في تنقلهن بين المكاتب وتبسطهنّ في الحديث فيما بينهن، فإذا جاء الاجتماع العام في المجلس فإن الأمر نصَّ أيضاً على التزامهن باللباس الشرعي والحجاب الشرعي.
الشريعة لم ولن تكن عائقاً
والحمد لله أن الشريعة لا يمكن أن تكون حاجزاً بيننا، ولا عائقاً دون التنمية وتطوير العمل والمجتمع؛ فيمكن الجمع بين تطبيق الشريعة والعمل بها والالتزام بالقواعد والثوابت، وبين الأخذ بأسباب التطور وإحكام الرأي وإبداء المشورة الناضجة الحكيمة.
وهذا كما أن الأمر الملكيَّ الكريم جمع بين إشراك النساء في إبداء آرائهن، وبين التأكيد على الحجاب الشرعي، وحث الجهة القائمة على ذلك في المجلس بالالتزام بتخصيص أماكن خاصة سواء عند الدخول والخروج، أو في أثناء حضور الجلسات والإدلاء بالرأي والتصويت، أو ممارستهن لأعمالهن بدراسة القضايا المحالة إليهن.
نصيحة للمرأة
ولذلك فإننا نتمنى من العضوات الفاضلات أن يضربن المثل الأعلى للمرأة المسلمة المعتزة بإسلامها وحجابها، والتي لم يَحلْ التزامُها بدينها دون المشاركة في كلّ ما ينفع أمتها ووطنها، لتقول للعالم بلسان الحال والمقال: إنه لا تعارض بين التديّن والمشاركة في البناء والتنمية، وإن ما يظنه البعض من أن الالتزام بالشريعة يحول بين المرأة وأداء دورها ورسالتها في المجتمع ليس بصواب.
كما أن المؤمَّل من الأخوات اللاتي تم اختيارهن لعضوية مجلس الشورى أن يكنَّ على قدر المسؤولية، وأن يستشعرن ثقل الأمانة التي حُمّلنها، فلا يكنَّ وسيلة لتمرير بعض الاقتراحات أو الأفكار أو الأطروحات المخالفة للشريعة، أو لقيم المجتمع وأخلاقياته.
وهن - نسأل الله لهنّ الإعانة والتوفيق - تحت أضواء الابتلاء والاختبار؛ فعليهن أن يثبتن من خلال آرائهن ومشاركتهن وبحوثهن ما يمليه عليهنّ الواجب، ويتطلّع إليه المجتمع من المشاركة بالرأي السديد والطرح المفيد والبحث النافع والفكرة النيّرة، التي تعود برفعة الدين ونهضة المجتمع، بعيداً عن القضايا الشاذة والأفكار المخالفة، أو إحياء صراعات قد مجها المجتمع السعودي وأثبتت التجارب في المجتمعات الأخرى أنها عامل هدم وتدمير، والله عزَّ وجلَّ المسؤول أن يديم على بلادنا وبلاد المسلمين نعمة الإسلام، والأمن والأمان، وأن يوفّق القائمين عليها لكل خير.