الأميرة بسمة تنشر
" مسار القانون الرابع" وتكشف أهدافه
صحيفة المرصد: الإثنين،14
أكتوبر/ تشرين الأول،2013
كشفت صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت سعود
بن عبدالعزيز عبر مقال لها تحت عنوان "مسار القانون الرابع"
ونشرته اليوم الاثنين على موقعها الخاص بعض البنود المتعلقة
بـ"مسار القانون الرابع"و التي أشارت إليه عبر حوار سابق مع "
صحيفة المرصد " وقالت الأميرة كبداية لمقالها: إهداء خاص في هذا
اليوم الجليل والكبير والذي لم أخطط له، أن ينشر " مسار القانون
الرابع" في هذا اليوم العظيم، فقد استخرت، ونشرته في يوم الاثنين كما العادة
لكل مقالاتي، ولكن هذا الاثنين صادف يوم المغفرة والرحمة على جبل عرفه ، وهذا لا
يدل إلا على تباشير لهذا "المسار" الذي هو ليس بشيء جديد ، ولكنه معادلة
صعبة سهلة لمن يريد وضوح الطريق والاستقرار، فالتحديات جليلة أمامنا ومن حولنا،
فأسأل الله تعالى التوفيق بأن تكون المملكة حكومة وشعبا حاضنة لهذا المسار الجديد
، كي ننطلق إلى الأمام بثقة وتفعيل لتنظيم كل أمور الشعب، الاقتصادية والاجتماعية
من غير المساس بهيبة الحكم ولا الحكومة التي يجب أن نحافظ عليها بأرواحنا،
وولاءنا لكل مخلص من أبناء عبد العزيز وأحفاده الذين لم يتوانوا في خدمة هذه
البلاد والحرمين الشريفين، وما هذا "المسار" إلا واجب وطني من
إحدى بنات أول ملوك المملكة، بإضافة عميقة وجذرية في أصول التنظيم وإعادة التوازن
في بلد أحببته وأحبه، ووطن له كل ولائي، وبذلك أبرئ ذمتي أمام الله بأنني قد بلغت.
عالمية الإقليمية
لقد خلق ما يُسمى بالربيع العربي
توازنات اجتماعية جديدة في منطقة الشرق الأوسط بكاملها، فقد تمزقت الحكومات
السابقة في المنطقة وسقط وجهاؤها ورجالها الأقوياء بفعل مجموعات من المواطنين لم
تعد تخاف من الخروج إلى الشوارع للاحتجاج، ولو بطرق غير سلمية إذا ما اقتضى الحال،
ومن ثم إحداث تغيير غير مسبوق.
وعمد كثير من المحللين إلى أن
الثورات حدث يؤذن ببداية الديمقراطية، وما زال منهم من يراه كذلك، ولكن بالنسبة لي
كان وما زال هو الخريف العربي وليس الربيع، لماذا أطلقت عليه اسم الخريف العربي؟
لأننا بعيدين كل البعد عن الديمقراطية، ولم نرى النتائج التي ظن الجميع أنها لا
محالة آتية، إننا نتجه نحو شتاء لن يأتي بخير البتة ، فالقرارات الصحيحة لم تخرج،
فقط إنشغلنا بالسجالات والمشاحنات الصغيرة والهدامة والتي أبعدتنا عن الأهداف
المنشودة، فالمعارضة السياسية تتشظى وتتكاثر لتصبح هناك معارضة تعارض المعارضة،
وما زال تدفق السلاح مستمرا في الوقت الذي تقهقرت فيه أهداف الثورات وابتعدت عن
الأهداف الرئيسة للثورات.
لكن الأمر لا يقتصر على الشرق
الأوسط فحسب، فالعالم نفسه لم يعد كما كان من قبل، إذ لم ينجُ أي مجتمع أو نظام من
الفوضى، فنحن نعيش في عالم مترابط ومتداخل.
أصبحنا نعيش وبصورة متزايدة في
عالم تحكمه "العولمة" من خلال البُنى المتشابهة لاتصالاته وفي نوعية
خطابه، ولكنه عالم لا يمكننا أن نجتازه بهذه السهولة، لذا وُلد فضاء يسهل
التلاعب به من أجل تحقيق المكاسب النخبوية والإجرامية، بينما القوانين والمعاهدات
القائمة، مثل تلك المصنفة تحت مظلة القانون الدولي الإنساني، تعاني من نقص الإرادة
السياسية لتنفيذها بصرامة في كل البلدان كل على حدا. وبغض النظر عن الطريقة التي
نُظهر بها الوضع والاختلال الوظيفي على المستوى الدولي يظل هو الاحتمال الأكثر
واقعية.
النتيجة: النظام العالمي الجديد
لقد أصبحت الهوة متزايدة الاتساع
ما بين النخبة الحاكمة الثرية وبقية السكان ، وأصبح الجميع يرى ذلك، لم يعد الساسة
على مستوى ثقة الشارع التي تعد عاملا حاسما يجب وضعه في الاعتبار، فالتحول السياسي
السلمي والفعال ليس بالأمر السهل أو المضمون، ولكنه جوهري لأن ثمن الفشل باهظ
للغاية كما نراه على الساحة.
إن المعاهدات والاتفاقيات
الدولية والتي يفترض أن تجعل من عالمنا مكانا أكثر أمنا لم تعد هي نفسها فعالة،
وأمننا العام واقتصادياتنا ليست مزدهرة على الرغم مما نتفق عليه، كل هذا أدى على
المستوى العالمي إلى الوصول إلى فترة خطرة من انعدام الاستقرار، الأمر الذي سيجعل
عودة الوضع الذي ساد حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ولهذا فإنه من غير عمل
دقيق وملتزم لن نحصل على شيء إيجابي، وهذا هو الأمر الذي دفعني للخروج بتصور
"مسار القانون الرابع"، وهو دستور عالمي جاء لينير الطريق للعالم
بأنه خيار هذه الحقبة من عدم الاستقرار. وهو يهدف إلى معالجة جذور الاحتقان من خلال
قيادة رشيدة واحترام وبصيرة نافذة، وتهيئة الظروف الضرورية لإتاحة الفرص للجميع،
وتوفير سبيل للخروج من التقلبات الهوجاء التي شهدناها في السنوات الأخيرة.
التهديدات موجودة في كل مكان من
حولنا سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الأمن العالمي ( النووي
والفضائي) ، أو الصحي، وكل ذلك يؤثر سلبا على تنميتنا وتقدمنا في الصحة على وجه
الخصوص، هناك آثار اقتصادية ترصد للبنية من التكاليف الناجمة عن الرعاية الصحية
المتدنية للسكان، والتضاؤل في قدرات الطاقة البشرية التي تعمل بالأسواق، وفي نفس
الوقت الحاجة للتعليم الصحيح لحماية قضايا الصحة والأمن حتى لا يتعاظم
تأثيرها.
وقالت الأميرة:"مسار
القانون الرابع" هو أكثر من مجرد حل سريع وبسيط للخروج من هذه الفوضى
الجماعية والأوقات العصيبة، ولكنه حاسم ومصيري لبقاء العالم من أجل ما خلق له،
إنه آلية لتحديد وتصنيف وتوزيع حقوق الإنسان الأساسية بأسهل الطرق الممكنة ،
آلية تتوافق مع النظم القانونية القائمة وتسمح بسيادة الثقافة المحلية.
إذن من أين نبدأ؟ علينا أن تكون
لدينا الشفافية لنراجع أسباب المشكلات، أي أن نفكر أولا وليس أن نقرر أولا، لقد
فقد المفكرين الاحترام والتقدير الذي كانوا يحظون به، ولم يعد لدينا من الصبر ما
يجعلنا نستمع لأفكار الآخرين وشرحهم.
يهدف القانون الرابع إلى وضع
نظام يُمكِن الجميع من الانطلاق من قاعدة عالمية ليس لها هوية و لا ملة ولا أفكار
معينة مسبقة، ولكن لها رسالة واحدة ألا وهي : الإنسانية أولا . وهذا لا يقتصر فقط
على الشرق الأوسط لكن على النطاق العالمي أيضا.
إنه نظام يجب أن يؤسس ليربط
عالمنا ببعضه البعض، نظام يسعى إلى إعادة تأسيس الحس الأخلاقي الأكثر أهمية والذي
يجب أن نحكم به أنفسنا وعالمنا وهو مؤلف من أربعة أركان.
الأركان الأربعة
هناك أربع أساسيات في الحياة
يحتاجها الناس جميعا لكي يستعيدوا التوازن في حياتهم. إنه التوازن المفقود والذي
يجب استعادته وتطبيقه. إنه أمر يصلح لكبار الساسة كما يصلح أيضا للشخص العادي.
وتمثل هذه الأركان في : الأمن
والمساواة والحرية والتعليم، ويعد الأمن أكثر أركان القانون الرابع أهمية، وهو
الركن الذي تنبثق منه بقية الأركان وتستمد قوتها.
عندما نجزء ونتعامل مع كل ركن من
هذه الأركان الأساسية واحدا تلو الآخر، فإننا نجد أن القانون الرابع يركز على
الحقوق كجوهر محلللا معناها حسب السياق، من أجل أن تصبح قاعدة يمكن البناء عليها
حسب السياق القومي والإقليمي والاجتماعي والتاريخي، إن جوهر الحقوق هو الذي يجب أن
يكون متاحا للجميع، ولكنه يجب ألا يتداخل أو يتعارض مع عقيدة أي شخص أو ثقافته أو
تقاليده، لقد تم تفصيل الأركان الأربعة الخاصة بالأمن والحرية والمساواة والتعليم
لتتناسب مع سياقه الخاص، إذ أن كيفية ربط هذه الأركان مع بعضها البعض
وتطبيقها بالتساوي على كافة مستويات المجتمع تمثل خارطة الطريق لإعادة الاستقرار
في العالم وهذا هو "القانون الرابع".
الأركان وتدرجها
كل ركن من أركان
القانون الرابع له خطوات تساعد في الوصول إلى المنصة المعينة، وهذه الخطوات هي
الجزء الاجتماعي الاقتصادي، والوطني والبيئي، والإعلامي.
كثير من الحقوق تتقاطع عبر
التصنيفات وتدعم بعضها البعض ولها تطبيقاتها على مختلف الفئات، وليس فيها ما
يتناقض أو يقصي الآخر، بل هي في الواقع كل منها يقوم ويستمد قوته من قوة الآخر
وتجتمع في مفاهيمهم عمليا وبكل سهولة ويسر. إن مسألة تحقيق الأمن من الناحية
الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع ومكوناته تساعد في تحقيق الأمن العام،
وبالطريقة ذاتها فإن توفير الأمن الإعلامي والبيئي والوطني أيضا يساعد في تحقيق
الأمن العام. وهو أمر ينطبق أيضا على تحقيق الحرية والمساواة والتعليم .
واكتفي ان بهذا القدر، والباقي سيتم نشره بعد التوثيق العالمي وإعطاء ولاة
الأمور الضوء الأخضر لتفعيله.
princessbasmah@
http://basmahbintsaud.com/arabic/